المقدمة
تعريف البلاغة هو إفهام المعنى للمخاطب على وجه يكون أحسن وقعاً وأشد تأثيراً من خلال اللفظ والمعنى معا، والإفهام هو المحور الذي يدور عليه فلك البلاغة، ويدخل في البلاغة الإيجاز، ويدخل فيه أيضا ان يسابق المعنى اللفظ واللفظ المعنى، لذلك نقول أن الرجل البليغ هو الرجل الذي يستطيع إيصال المعنى بألفاظ قليلة
في حقيقة الأمر أن القرآن لو كان معجزاً في البلاغة لما ألفته قريش ولاندهشت من بيانه ولغته ، لكن في حقيقة الأمر أن ما حصل هو عكس ذلك والدليل من القرآن نفسه، ففي هذه الآية يشهد القرآن على أن قوم محمد سمعوا مثل هذا الكلام ولم يوثر بهم في شيء، وأنهم يستطيعون احضار ما يشبهه في قوله
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَٰذَا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
:وكذلك في قوله
وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
كما أن البعض كان يستهزأ من الرسول بعدم بلاغة أقواله والدليل من القرآن
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حتى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ
ولا يخفى علينا من سيرة محمد أنه دعا قومه في مكة 13 سنة، ولو كان كلاما معجزا لتبعوه، ولم يؤمن معه الا القليل القليل، واذا قلت أنهم متكبرون ومعاندون ويحبون الشهوات، لكانوا تبعوه حبا لاتباع السلطان والجاه والملك كما حصل لاحقاً
واذا قلنا لماذا لم يؤتوا بمثل القرآن لقلنا لا يحتاجون ذلك فعندهم من الابيات والمنتجات الأدبية الكثيرة، اذا اننا نتحداكم ان تأتوا بقطعة أدبية من المعلقات مثلا او أي من ابيات شعر الجاهلية ولو 100 بيت من الشعر، ونقول أيضاً أن العرب القدماء لو كتبوا مثل القرآن لما نقل إلينا خاصة أن كتاب التاريخ والسير هم من المسلمون، فلا يمكن بحال من الأحوال أن ينقل الكاتب أقوال خصمه أو ما يطعن في عقيدته، أضف إلى ذلك أن ابن هشام وهو أشهر كاتب لسيرة محمد ذكر أنه حذف الكثير مما شوه سمعة نبيه من سيرة ابن إسحاق، وهذا ما يدل بكل تأكيد على ضعف الأمانة العلمية والنقل الصحيح
نجد بعض الأمثلة التي تبين عجز القرآن كسورة الكوثر مثلا حيث أنها لا تحوي أي بلاغ لغوي، كما أن بعض الألفاظ في القرآن لا معنى لها وغير واضحة تماما كقوله (كهيعص)، وقوله (ألم) وغيرها من الحروف المطلسمة التي لم يكشف إلى الأن سبب وجودها، وقد يحتج المسلم بأنه لا داعي لفهمها وهي سر إلهي، فهل يعقل أن يكون آخر كتاب نزل من الله وهو العقد الأخير بين السماء وأهل الأرض من الأنس أن يكون كتاباً غير واضح المعالم ومبين؟ فلا يعقل أن يقبل إي إنسان عاقل عقداً غير واضح أو مفهوم مع أي شخص آخر في مجال من الاتفاقات كضروب التجارة مثلا
أمثلة على بعض بلاغات العرب
نشاهد هنا بعض أشهر الأمثلة على بلاغات وكتابات وأقوال العرب في التاريخ وما يظهر بكل وضوح سمو بلاغتها عن القرآن
يَا أَيّهَا النّاسُ سِيرُوا إنّ قَصْرَكُمْ … أَنْ تُصْبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسِيرُونَا حُثّوا الْمَطِيّ وَأَرْخُوا مِنْ أَزِمّتِهَا … قَبْلَ الْمَمَاتِ وَقَضّوا مَا تُقَضّونَا كُنّا أُنَاسًا كَمَا كُنْتُمْ فَغَيّرَنَا … دَهْرٌ فَأَنْتُمْ كَمَا كُنّا تَكُونُونَا
ومن أشعار أمرؤ القيس
يا عين فابكي من بني * أسد فهم أهل الندامة
أهل القباب الحمر والن * عم المؤبل والمدامة
وذوي الجياد الجرد والأ * سل المثقفة المقامة
حلا أبيت اللعن حلا * إن فيما قلت آمة
في كل واد بين يث * رب فالقصور إلى اليمامة
تطريب عان أو صيا * ح محرق أو صوت هامة
ومنعتهم نجداً فقد * حلو على وجل تهامة
برمت بنو أسد كما * برمت ببيضتها الحمامة
جعلت لها عودين من * نشم وآخر من ثمامة
إما تركت عف * واً أو قتلت فلا ملامة
أنت المليك عليهم * وهم العبيد إلى القيامة
ذلوا لسوطك مثل ما * ذل الأشيقر ذو الخزامة
تفاسير القرآن
نضيف إلى ذلك أنه لو كان القرآن بليغا أي واضح المعنى واللفظ لما وجد التأويل والتفاسير والمفسرين والشبهات الكثيرة حوله؟؟ لنعود الان الى فيما اذا كان القرآن كله بليغ ام فقط بعض آياته، فإننا لا نستطيع مثلاً ان نقارن آية “تبت يدا أبا لهب وتب” (٢) بآية “الله نور السموات والأرض” (٣) او بآية الكرسي (٤) او بآية “وقيل يا ارض ابلعي مائك ويا سماء أقلعي”(٥). فأين هذا الكلام الذي هو في الذروة العليا من البلاغة من “تبت يدا أبا لهب”. كما يثبت مما سبق أيضا سهولة كسر تحدي القرآن والإتيان بآية او آيتين مثله. ولهذا، وفي نظري، رفع القرآن التحدي من الاتيان بآية لسهولة كسر التحدي، إلى ان الإتيان بمثل كامل القرآن، وهو تحدي يرتقي لدرجة الاستحالة. ولذلك ادخل محمد الجن في التحدي بكل ثقة لمعرفته بصعوبة واستحالة كسر التحدي. ليس لأنه معجز، بل لعدم وجود أسس يستند عليه هذا التحدي. فلو جاء أي شخص بأي آية لصعروا خدودهم وقالوا ما هذا بمثله. ولأن الاتيان بمثل كتاب، أي كتاب، بنفس الروح والأسلوب والعاطفة، هو أمر مستحيل. فليأتي احد بمثل جمهورية أفلاطون ومدينة الفارابي ورباعيات الخيام ورسالة المعري. كما يحتوي القرآن على ما هو غير معقول، وما تعجز يد اليقين عن حله. فقوله: “والجبال أوتادا” (١١) او “وألقى في الأرض رواسي أن تميل بكم”، لا يستقيم مع المعقول. فالجبال ليس لها علاقة بتوازن الأرض. فلا بوجودها يثبت التوازن ولا بعدمها يختل. فكيف يكون القرآن من عند خالق الكون ومدبره وينسب توازن الأرض للجبال. ومما يدل أيضا على عدم اعجازية القرآن هو ضعف حججه ووقوعه في الكثير من المغالطات العقلية والمنطقية، فلو اخذنا مثلاً آية: “لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين” (١٤)، فهي آية نزلت لأن محمد كان يدخل على غلام رومي اعجمي نصراني كان يجالسه محمد ويكلمه، فقالت قريش: والله ما يعلم محمدا كثيراً مما يأتي به إلا جبر النصراني (١٥)، فنزلت هذه الآية. ولا اعلم كيف يكون هذا الرد مفحماً لقريش، ففي الآية ذكر تهمتهم وردها عليهم بأن هذا الغلام لسانه اعجمي والقرآن عربي مبين فكيف يعلم محمد القرآن، ولا يخفى ان هذا الرد غير منطبق ومن الآيات الاخرى التي تدل على عدم اعجازية القرآن بسبب ضعف حججه ومغالطاته هي قوله: “ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر” (١٦)
ولا اعلم لماذا بهت نمرود من هذه الحجة السهلة الدحض حيث لم يأتي إبراهيم بدليل على ان الله يأتي بالشمس من المشرق، فهو مجرد ادعاء، فلو كنت مكان نمرود لقلت لتجعل ربك اذاً يأتي بالشمس من المغرب، او قلت وانا أيضا أتي بالشمس من المشرق، وكذلك نجد مخالفة القرآن لقواعد اللغة العربية الأساسية، فتجده تارة يستغني عن التثنية بالإفراد، وتارة أخرى يستغني عن الإفراد بالتثنية، والامثلة كثيرة. فمثلا قوله: “فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى” (١٧)، وكان من المفروض ان يقول “فتشقيا” لأن الخطاب للاثنين. ولكنه افردها مراعاة للفاصلة. وقد حاول اللغويين والمفسرون التخلص من هذا المشكل اللغوي، فمنهم من قال افردها لأجل الفاصلة واللفظ وهذا جائز ولا حرج فيه، ولو كان من غير القرآن لما تكلفوا في هذا التأويل البعيد ولرفضوه وما قبلوه فيه. كما استغنى القرآن عن الافراد بالتثنية في قوله “جنتان” (١٨)، في سورة الرحمن
وأراد الزمخشري في الكشاف التخلص من هذه المعضلة فقال جنة للجن وجنة للأنس. وهذه تفسير ظني ليس من شيء، وأني لأرق له حين يجهد نفسه تخيلاً
ألفاظ مقتبسة
من أكثر حجج المسلمين على غيرهم من دون المسلمين هو التحدي بإتيان بمثل هذا القرآن لكن هذه الحجة واهية لأن القرآن نفسه اقتبس من أقوال الكثير من عرب الجاهلية الذين ماتوا قبل ولادة محمد، وهذا إن دل فإنه يدل على أن الله يسرق الألفاظ من غيره ويعجز عن الإتيان بجديد
من أمثلة ذلك
أميمة ابن ابي الصلت
ويوم موعدهم أن يُحْشَروا زُمَرًا * يوم التغابن إذ لا ينفع الحَذَرُ
مستوسقين مع الداعى كأنهمو * رِجْل الجراد زفتْه الريح تنتشرُ
وأُبْرِزوا بصعيدٍ مستوٍ جُرُزٍ * وأُنـْزِل العرش والميزان والزُّبُرُ
وحوسبوا بالذى لم يُحْصِه أحدٌ * منهم، وفى مثل ذاك اليوم مُعْتبَرُ
فمنهمو فَرِحُ راضٍ بمبعثه * وآخرون عَصَوْا، مأواهم السَّقَرُ
يقول خُزّانها: ما كان عندكمو؟ * ألم يكن جاءكم من ربكم نُذُرُ؟
قالوا: بلى، فأطعنا سادةً بَطِروا * وغرَّنا طولُ هذا العيشِ والعُمُرُ
قالوا: امكثوا فى عذاب الله، ما لكمو* إلا السلاسل والأغلال والسُّعُرُ
وآخرون على الأعراف قد طمعوا * بجنةٍ حفّها الرُّمّان والخُضَرُ
يُسْقَوْن فيها بكأسٍ لذةٍ أُنُفٍ * صفراء لا ثرقبٌ فيها ولا سَكَرُ
مِزاجها سلسبيلُ ماؤها غَدِقٌ * عذب المذاقة لا مِلْحٌ ولا كدرُ
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها * ولا البصير كأعمى ما له بَصَرُ
فاسْتَخْبِرِ الناسَ عما أنت جاهلهُ * إذا عَمِيتَ، فقد يجلو العمى الخبرُ
كأَيِّنْ خلتْ فيهمو من أمّةٍ ظَلَمَتْ * قد كان جاءهمو من قبلهم نُذُرُ
فصدِّقوا بلقاء الله ربِّكمو * ولا يصُدَّنَّكم عن ذكره البَطَرُ
زيد ابن نفيل
وأسلمت وجهي لمن أسلمـت له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها، فلما استـوت شدهـا سواء وأرسى عليها الجبـالا وأسلمت وجهي لمن أسلمـت لـــه المزن تحمل عذبـا زلالا إذا هي سبقـت إلـــــــى بلـدة أطاعت فصبت عليها سجـالا
قيس ابن ساعدة
ليل داج ، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة ، وأرض مدحاة ، وأنهار مجراة ، إن في السماء لخبراً ، وإن في الأرض لعبراً
ومن بعض أشعار أمرؤ القيس
يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره * فهو لا يرضى بحال واحد قتل الإنسان ما أكفره
وقال:
اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر * وقال: إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها
تقوم الأنام على رسلها ليوم الحساب ترى حالها يحاسبها * ملك عادل فإما عليها وإما لها
وقد أورد شيئا من الأبيات السابقة بألفاظ مختلفة، فقال:
دنت الساعة وانشق القمر غزال صاد قلبي ونفر * مر يوم العيد بي في زينة فرماني فتعاطى فعقر
بسهام من لحاظ فاتك فر عني كهشيم المحتظر * وإذا ما غاب عني ساع كانت الساعة أدهى وأمر
نرى بكل وضوح في الأبيات السابقة تشابه جلي بين أبيات لشعراء الجاهلية والقرآن وهو ما يوحي بلا شك أن هذا القرآن كلام بشر
سجع الكهان
كان في جزيرة العرب قديما كهنة يستخدمون اسلوب سجع نثري مشابه لطريقة القرآن من أشهرهم الكاهن العربي أوس بن ربيعة وسطيح فمن أقواله: “ رأيت حمامة خرجت من ظلمة ، فوقعت بأرض تهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة “
وأيضا : ” أحلف بما بين الحرتين من حنش ، لتهبطن أرضكم الحبش ، فليتركن ما بين أبين إلى جرش
فقد كان سجع الكهان مألوفاً لدى العرب، لذلك لم تكن أقوال القرآن غريبة عليهم أو أنها أثرت على عواطفهم
آية شبيهة بالقرآن من بعض الملاحدة
قل يا أيها الملحدون ، أتعبدون الطبيعة دون أن توجدون ، إنما الطبيعة من أمر ربي ، وهل أمر ربك عاجز عما يدعون ، لا تملك لهم من رزق بل نحن الرازقون ، قد تركوا نعمة ربهم وهم موقنون ، ليحلن عليهم سخط من ربهم وهم يجهلون
أمثلة أخرى مختلفة
وهنا أيضا
استعارة القرآن لألفاظ غير عربية
مما يدل على أن هذا القرآن بشري الصنع ويدعي قائله بأنه بلسان عربي مبين، هو اشتقاقه لألفاظ غير عربية وكانت من ألفاظ الأعاجم كالفرس والروم والأحباش، كما أن بعض ألفاظ القرآن غير مفهومة فمثلا في آية (وفاكهة وأبأ) لم يستطع ابن عباس شرح وتفسير كلمة أبا مع أنه حبر الأمة وترجمان القرآن كما يزعم محمد والمسلمون وهذا عجز بلاغي واضح لا محالة
كما أن من المعلومات الصادمة أن 25% من ألفاظ القرآن غير عربية وهي مأخوذة من لغات أخرى فمثلا هناك كلمات كثيرة مأخوذة من اللغة السريانية وهي
كلمة حنيف في قوله (ملة إبراهيم حنيفاً) وتعني الشخص الذي صبأ أي مال وتأثر
كذلك كلمة حور عين فهي كلمة سريانية تعني العنب الأبيض
وكلمة القرآن نفسها هي كلمة سريانية مشتقة من لفظ قريان وتعني كتاب الأدعية الخاص بالصلوات الذي يلقى بالكنيسة
وكلمة سورة أيضا كلمة سريانية وتعني النص أو الجزء من الكتاب
وكلمة الفرقان تعني الخلاص بالسريانية
ومن أشهر كلمات القرآن باللغة الفارسية هي كلمتا سندس واستبرق، أما من اللغة اليونانية فقد اقتبس القرآن منها كلمة دينار وقنطار
المرجع: للباحث الألماني وبروفيسور التاريخ والمخطوطات كريستوفر ليكسينبيرج
نكتفي بهذا القدر من الشرح لتبيان عجز القرآن البلاغي واقتباسه من لغات الأعاجم والعرب القدماء، كما أن الكثير من آيته مكررة على غير فائدة كمثل آية (فبأي آلاء ربكما تكذبان) في سورة الرحمن، كما أن القرآن كما وضحنا أنه مطلسم وغير واضح وغير مفهوم المعاني فلذلك تجد التفسيرات متفاوتة جددا من مؤول ومؤول آخر
أشكر لكم قراءتكم أعزائي القراء وأعدكم بما هو جديد دائما
@AtheistDoc