يكثر المسلمين من الادعاء للإعجاز العلمي في قرآنهم المزعوم عن خلق جنين الإنسان، حيث أنهم يوحون بادعائهم أن القرآن وصف مراحل تطور الجنين بالتفصيل قبل 1400 عام في زمن لم يكن للإنسان أدوات العصر الحديث والتقنية الكافية لمعرفة كل هذه التفاصيل عن نشأة الجنين.
لذلك خصصت كتابات مفصلة عن هذا الموضوع في مدونتي، وذلك احتراما لعلم الطب، وإزالة جميع الأتربة التدليسية التي نثرت من دجلة الإعجاز على موضوع خلق الجنين، وسأتحدث بشكل مفصل عن تطور الجنين حتى اكتمال نموه كما وصفه العلم بالمراجع الطبية المعتمدة ومقارنة ذلك بالقرآن لنرى إن كان هناك إعجاز أم أنه مجرد خرافة.
تاريخ القصة وحقيقتها
بدأت أسطورة الإعجاز العلمي لتطور الجنين بالقرآن بعام 1980م، بدعوة جامعة الملك عبدالعزيز بالسعودية للطبيب كيث مور Keith Moore لإلقاء محاضرة عن علم الأجنة Embryololgy في الجامعة.
بعد المحاضرة عرض فريق طبي من ذات الجامعة ببحث عن الأجنة بالقرآن، وعرضوه على الطبيب مور مما جعل الأخير يشترك معهم في البحث.
لم يكن مور عربيا أو مجيدا للغة العرب لكي يعرف المصطلحات القريشية القديمة وتأويلها الحقيقي، فقد كانت جميع معلوماته عن القرآن مقتبسة من الأطباء السعوديين الذين زعموا وجود الإعجاز.
عرض الدكتور مور بحثه عن المعجزة المزعومة بالقرآن في الأوساط العلمية، مما ادى الى رفضه من جميع الهيئات والأكاديميات العلمية بعد مناقشة مطولة استمرت اشهرا طويلة، وكذلك اعترض عليه الكثير من علماء الأجنة من اشهرهم عالم الأجنة الدكتور مايرز PZ Myers الذي ألف كتابا كاملا ينقد فيه أقوال مور بالتفصيل.
أدى ذلك إلى انسحاب الطبيب مور وإلغاء جميع ابحاثه القرآنية من الطبعات الحديثة لكتابه بالأجنة، وانتهى البحث المزعوم.
–
نجد هنا الطبعتين الثالثة والتاسعة من كتاب علم الأجنة للطبيب مور ويظهر بشكل جلي اختفاء الإضافات الإسلامية المزعومة في الطبعة التاسعة!
الجدير بالذكر أن كيث مور نفسه اشار في أحد المراجع لكتابه إلى العالم نيدهام Needham الذي اقتبس من كتابه تاريخ علم الأجنة History of embryololgy كمرجع رئيسي!
توضح الصورة بالأسفل صفحة المراجع من كتاب كيث مور وهو يشير إلى العالم المذكور واسم كتابه.
لكن الغريب والمدهش أن نيدهام نفسه وهو المرجع لكيث مور ذكر في كتابه أن العرب المسلمين كانوا جيدين في كثير من العلوم باستثناء علم الأجنة لأن القرآن به أخطاء فادحة وجميع ما ذكر به هو اقتباس من علماء الإغريق القدماء.
نجد الصورة بالأسفل الصفحة 64 من كتاب تاريخ علم الأجنة لنيدهام وهو يشير إلى ما ذكرته قبل قليل.
والحقيقة أن نيدهام كان محقا، لأن علماء الإغريق أشهرهم آرا سطو وأبقراط وآخرهم جالين Galen الذي مات قبل ولادة محمد بخمسمائة عام ذكر في كتابه نفس التفاصيل التي ذكرت بالقرآن بنفس التفاصيل، حيث أن الجنين كان نطفة ثم علقة ثم مضغة وبعد ذلك تحولت لعظام ومن ثم غطى اللحم العظام!
نجد الصفحة بالأسفل من كتاب جالين لتطور الجنين كتاباته اللاتينية ومن ثم ترجمت للإنجليزية وقورنت بآيات القرآن المذكورة.
رغم ذلك سيسأل البعض كيف وصلت هذه المعلومات لمحمد وإن كانت قديمة؟
الإجابة ليست صعبة لمن يقرأ سيرة محمد والحارث ابن كلدة الذي تزوج خالة النبي وأسلم وهو المشهور باسم طبيب المسلمين، وقد درس الطب في مدرسة ببلاد فارس كانت تترجم جميع كتب الطب لدى الإغريق ومن أهمهم كتاب جالين نفسه!
علم الأجنة من المنظور العلمي
سننتقل الآن في رحلة علمية نوضح فيها تفاصيل خلق الإنسان منذ نشأته كما ذكره العلم الحديث ونقارن بعد ذلك الفرق بين أساطير القرآن والحقائق العلمية.
نبدأ رحلتنا العلمية في خلق الانسان من الأعضاء التناسلية للرجل، ومن أهمها الخصيتين حيث انها المصنع الوحيد لإنتاج الحيوانات المنوية، وتبدأ بالنشوء والتكون عندما يصل الذكور لسن البلوغ.
تنتقل الحيوانات المنوية إلى الحبل المنوي Vas deferens ثم تتجمع في الحويصلات المنوية seminal vesicles خلف المثانة وتحتوي جدرانها على عضلات قوية تضخ المني وتقدفه من فتحة القضيب.
أما الأنثى تُخرج من مبيضيها الواقعين بجانبي الحوض شهريا بويضة واحدة بالعادة، تكون جاهزة لاستقبال الحيوانات المنوية في قناة تسمى قناة فالوب Falopian tube وهذه القناة متصلة بالرحم.
تلتقي الحيوانات المنوية الخاصة بالرجل لبويضة المرأة بعد 24 ساعة تقريبا من ممارسة الجنس بينهما، تُظهر الصورة الحيوانات المنوية وهي تحاول الدخول في بويضة المرأة، صورة جميلة بالمجهر الإلكتروني الماسح.
دائما الذي يخترق البويضة هو حيوان منوي واحد يكون الأسرع والأقوى بين الجميع، وحين دخوله تغلق البويضة جميع مداخلها لصد بقية الحيوانات المنوية من الدخول.
بعد يوم تقريبا من الجماع، وبعد دخول الحيوان المنوي البويضة تتكون خلية اللاقحة وتسمى zygote وهي نتيجة اندماج مورثات الحيوان المنوي من الأب ومورثات البويضة من الأم.
وهي أول خلية لخلق إنسان جديد.
تبدأ اللاقحة بعملية الانقسام الخلوي إلى خليتين ومن ثم 4 وبعد ذلك 8 خلايا وهكذا، فيتكون عدد معين من الخلايا تسمى تويتة او morula
بعدها تبدأ التويتة هجرتها عبر قناة فالوب وصولا للرحم خلال أسبوع قبل ان تلتصق كليا بجدار الرحم وتنغرز داخله عن طريق إنزيمات مذيبة تسمح لها بذلك.
بعد دفن التويتة بجدار الرحم يستمر الانقسام بين الخلايا لتتجمع بعض الخلايا في زاوية معينة، تاركة فراغا مائيا بين الخلايا.
يسمى الجنين بهذه المرحلة blastocyst او كيس أريمية، وتلك الخلايا المجتمعة بالزاوية هي التي ستخلق الجنين لا حقا أما الخلايا الطرفية ستصبح المشيمية وهي التي ستستخلص الغذاء من دم الأم وتوصله للجنين لينمو ويتطور.
تبدأ الخلايا الداخلية باستمرارية الانقسام حتى تكون طبقتين محاذيتين لبعضها تسمى الطبقة الخارجية إكتوديرم ectoderm أما الطبقة الداخلية تسمى إندوديرم endoderm
يسمى الجنين في هذه المرحلة بالقرص الجنيني او embryonic disc
بين الطبقتين السابقتين تتكون طبقة ثالثة تسمى ميزوديرم mesoderm ويسمى الجنين في هذه المرحلة gastrula أو معيدة.
مستقبلا الإكتوديرم سيشكل الجهاز العصبي والجلد للجنين، والميزوديرم سيكون العضلات والغضاريف والأعضاء الداخلية للجنين كالكبد والأوعية الدموية والقلب والطحال ، أما الإندوديرم سيشكل الأمعاء وكامل الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي.
في مرحلة المعيدة grastula تقريبا بالأسبوع الثالث من حياة الجنين ، ينشأ طي للإكتوديرم في المنتصف يكون هذا الثني الأنبوب العصبي Neural tube الذي سيكون الجهاز العصبي من أهمها النخاع الشوكي والدماغ مستقبلا.
في اليوم التاسع عشر من حياة المعيدة يتشكل ثني آخر ليكون أنبوبا من الميزوديرم يسمى الانبوب القلبي Cardial tube وهو ما سيشكل القلب الذي سينبض في اكتمال الشهر تقريباً، ويكون المصدر الرئيسي لتوزيع الغذاء لخلايا الجنين المتفرقة.
بعد مرحلة المعيدة تأتي مرحلة somitogenesis وهي الجسيدة وتتميز بتكوين الفلقات الابتدائية من الطبقة الوسطى الميزوديرم.
يشكل الميزوديرم التجمع العضلي والغضروفي معا عن طريق تكوين الفلقات التي ستشكل جميع غضاريف الجنين وعضلاته في جميع أجزاء مستقبلا، ثم تنقسم هذه الفلقات إلى جزئين رئيسيين الأول بالأعلى يسمى Dermamyotome وهو الذي سيشكل الخلايا الأولى للعضلات Myotome والخلايا الأولى لأدمة الجلد Dermatome، أما الجزء الثاني من الفلقات بالأسفل يسمى Sclerotome وهي التي ستشكل الغضاريف.
–
بعد ذلك يبدأ ظهور الأطراف عن طريق التبرعم من جسم الجنين في الأسبوع الرابع، وتتمدد داخلها الخلايا الأولى للعضلات Myotome والغضاريف Sclerotome الناشئة من انقسام الفلقات كما شرحنا سابقا.
ففي البداية تبدأ ظهور خلايا myotome من الفلقات المكونة للعضلات من الأسبوع الثالث في أطراف الجنين وتكتمل مشاهدتها في الأسبوع السابع بعدها بأيام قلائل يكتمل ظهور الغضاريف.
بالأسبوع الثالث عشر تبدأ مراكز التعظم بالظهور داخل الغضاريف لتتحول الغضاريف تدريجيا الى عظام في عملية تسمى primary ossification center المراكز التعظمية الأولية.
وكما نشاهد بالصورة التي تشرح آلية التعظم، نجد مراكز التعظم تظهر لتحول الغضاريف الى عظام كما تلاحظون من أعلى لأسفل.
ويستمر تكون العظام ونموها ولا يتوقف حتى بعد ولادة الجنين، والى ان يكبر ويصل عمر الانسان 21 سنة بعد البلوغ.
بعد اكتمال الجنين شهره الأول من مرحلة الجسيدة، تأتي مرحلة تخلق أعضاء الجنين ، ويستمر نموه وازدياده بالحجم حتى الولادة.
–
خلق الجنين بالقرآن
بعد انتهائنا من شرح مراحل الجنين في الحقائق العمية والطبية، نأتي الآن للمقارنة بينها وبين أساطير القرآن.
نبدأ بالكذب العلمي في سورة الطارق من هذه الآيات حيث وصف بأن ماء الرجل يخرج من بين الصلب أي العمود الفقري والترائب وهي اضلاع الصدر!!
التفسير المفصل لقوله يخرج من بين الصلب والترائب كما أجمع عليه المفسرون الأوائل وهم الأشد بلاغة وفصاحة وفهما للقرآن من أيامنا هذه ، نقلا عنهم:
وإذا كان الصلب هو : الظهر ، باتفاق المفسرين هنا ، وأما الترائب ، فقد اختلف أهل العلم فيما هي ، وأين موضعا .
قال الإمام الطبري رحمه الله : ” واختلف أهل التأويل في معنى الترائب ، وموضعها :
قال بعضهم : الترائب : موضع القلادة من صدر المرأة ” ، وهو مروي عن ابن عباس وعكرمة ، وغيرهما.
وقال آخرون : الترائب : ما بين المنكبين والصدر ، وهو مروى عن مجاهد ، وغيره من السلف .
وقال آخرون : معنى ذلك ، أنه يخرج من بين صلب الرجل ونحره ” ، وهو مروى عن قتادة .
وروى ـ أيضا ـ قول من قال : هو اليدان والرجلان والعينان ، ومن قال : هي الأضلاع التي أسفل الصلب ، ومن قال : هي عصارة القلب .
ثم قال – أي : الطبري – رحمه الله : ” والصواب من القول في ذلك عندنا ، قولُ من قال: هو موضع القِلادة من المرأة ، حيث تقع عليه من صدرها ؛ لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، وبه جاءت أشعارهم ، قال المثقَّب العبدي :
وَمِنْ ذَهَبٍ يُسَنُّ عَلَى تَرِيبٍ… كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ بِذِي غُضُونِ ” انتهى بتصرف .
تفسير الطبري (24/354-356) .
وهنا يظهر بوضوح جهل إله محمد بالمصدر الحقيقي لخروج المني، ويعتقد أنه يتكون بين الترائب أي الأضلاع والصلب أي العمود الفقري هذا يعني أن المني في ظنه ينشأ بصدر الرجل!
حاول المسلمين تغطية هذه الفضيحة الإلهية بتأويل أن ما بين الصلب والترائب هو الشريان المتجه للخصية Testicular Artries الخارج من الأورطي Aorta
لكن للأسف هذا كذب آخر فشلوا فيه فهذا الشريان يخرج من البطن ولا يخرج من الصدر أبدا !
نلاحظ أيضا التخبط لمحاولة يائسة بتأويل بين الصلب والترائب بالخلايا الجنسية الأولية معتقدين أنها تظهر في في صدر الجنين، لكن حقيقةً هي تظهر من الشريط البدائي للجنين primitive groove وهذا الشريط يوجد في المراحل المبكرة من تطور الجنين فلا صدر له حينها ولا ظهر ولا بطن!
ومن ثم انتقلت من الشريط البدائي لأمعاء الجنين البدائية Hindgut وهي أمام الحبل السري قبل أن تستقر في بطن الجنين ومن ثم تتحول للخصيتين التي تنزل بدورها إلى كيس الصفن قبل ولادته.
رحلة عبثية طويلة لا طائل منها، كان بإمكان الله خلق الخصية في كيس الصفن منذ بداية الخلقة!
ثم نأتي لهذه الآيات من سورة المؤمنون التي تشرح مراحل الجنين بطريقة جدا بدائية ولا توحي بأن قائل هذا الكلام بخالق أو وإله يعلم أي شيء عن خلقه!
بعد تقدم العلم وكشف فضيحة القرآن، احتار دجلة الإعجاز في تأويل النطفة فتارة يقولون أنها الحيوان المنوي وتارة يأولونها باللاقحة zygote !
أما العلقة في لغة العرب كما أولها المفسرين الأوائل تعني الدم المتجلط، فأولها المسلمون بالدودة، اعتقادا منهم أن الجنين يشبه الدودة في أحد مراحله التطورية، وكما ذكرنا آنفا لا يوجد في مراحل الجنين ما يشبه الدودة إطلاقا !
أما المضغة فأولوها تارة باللحم الممضوغ وتارة باللقمة، والتخبط واضح لان الجنين لا يشبه لحما ممضوغا في اي مرحلة تطورية !
كذلك لا يخفى عليكم أن النساء منذ القدم وقبل العرب إذا اجهضن في أي مرحلة بالحمل يستطيعون رؤية السقط وشكله ويصفونه، فهذه الأوصاف التي ذكرت بالقرآن غير دقيقة وبدائية جدا ولا تلامس أي جانب من العلم.
ولكي نقطع الشك باليقين ونبطل جميع التأويلات والتحريفات التي يقوم بها المسلمون لتغيير الكلمات عن معناها الحقيقي في كتاب ربهم، سننظر على ما رُوي في الأثر من الكتب الصحيحة التي توضح بشكل قطعي المقصود بالنطفة والعلقة والمضغة.
فقد روى مسلم (2645) عن حُذَيْفَة بْن أَسِيدٍ الْغِفَارِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : (إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً ، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكًا ، فَصَوَّرَهَا ، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ أَجَلُهُ ، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ رِزْقُهُ ، فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ)
يتضح من الحديث السابق أن الله يحدد جنس المولود ونحوه في اليوم 42 من حياة الجنين وهو نطفة! طبعا لا ندري ما المقصود بالنطفة من التأويلات السابقة والأرجح أنها ماء الرجل، وهذا مخالف للواقع وما اكتشفه علماء الأجنة، لأن جنس المولود يتحدد فوراً بعد اندماج الحيوان المنوي بالبويضة، وليس بعد 42 يوماً، وذلك لأن الحيوان المنوي وما يحمله من كروموسومات chromosomes تحدد جنس المولود، فإن كان الحيوان المنوي يحمل كروموسوم Y سيصبح المولود ذكرا، أما إن كان يحمل كروموسوم X سيصبح أنثى، وذلك بعد التقاء الحيوان المنوي مع البويضة مباشرة كما ذكرنا بالأعلى.
حديث آخر، وروى البخاري (3208) ، ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ )
في هذا الحديث بالأعلى يتضح بشكل جلي جهل إله محمد بتفاصيل خلق الجنين ويطعن هذا الحديث وهو متفق عليه في جميع التأويلات التي وضعها المسلمين الحدثاء لتفسير النطفة والعلقة والمضغة ومحاولة ربطها بعلم الأجنة، لأن نص الحديث يفصل في عمر كل مرحلة من مراحل خلق الجنين وهي أربعين يوماً في كل مرحلة بداية بالنطفة وانتهاءا بالمضغة أي ما مجموعه 120 يوماً “4 أشهر تقريبا” قبل أن ينفخ فيه ما يسمى بالروح، وهذا مخالف لعلم الأجنة لأن الجنين يبدأ بالتشكل على هيئة إنسان ويمكن ملاحظته على ذلك بالأسبوع 6-8 تقريباً “الصورة بالأعلى” أي شهر ونصف إلى شهرين وليس أكثر!!
وقوله: (فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما) هي أكذوبة علمية فاضحة، حيث أن العضلات تتكون قبل وجود العظام بشهر ونصف؟؟
فكما ذكرنا سابقا أن العضلات تتكون قبل الغضاريف بأيام ومن ثم يبدأ تحولها لعظام من مركزها في الأسبوع الثالث عشر أي بعد اللحم “العضلات” !!
أما سبب نزول (فتبارك الله أحسن الخالقين) فلها قصة طويلة من تفسير الطبري:
عندما نزلت سورة المؤمنون نادى النبي الكتبة من الصحابة وكان من جملتهم عبد الله بن أبي السرح ليكتبوها فرتل النبي محمد
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا….(14)» وأكمل النبي ترتيل الآية :
«ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ…(14)» .
فقاطع عبد الله ترتيل النبي من شدة انبهاره وعجبه في تفصيل خلق الله للإنسان فقال: “فتبارك الله أحسن الخالقين”. فرد عليه النبي محمد: “وهكذا أنزلت علي – أي أن الآية نزلت عليه مثلما قال عبد الله – “. فشك عبد الله حينئذ، وقال: لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال فارتد عن الإسلام وعاد للوثنية وهرب الى مكة المكرمة
قيل في أحد المرات أثناء كتابته للوحي أن النبي أملى عليه (السميع العليم) فكتبها عبد الله (العليم الحكيم) ولما فعل ذلك قال له النبي :” وهو كذلك أو كذلك الله – أي أن الله فعلاً السميع العليم وهو أيضاً العليم الحكيم – “. ولم يفهم عبد الله أن النبي انما قصد بكلامه الإقرار بأن السميع والعليم والحكيم من أسماء الله الحسنى وصفاته بل فهم أنه يقر بتغييره للقران الكريم ,فأفتتن عبد الله بن سعد وقال: ما يدري محمد ما يقول، إني لأكتب له ما شئت هذا الذي كتبت يوحى إليّ كما يوحى إلى محمد، وترك المدينة المنورة هارباً سراً إلى مكة ليلاً، وعند وصوله إلى مكة أعلن عودته إلى الوثنية وقال لهم أنه استطاع تحريف القران.
فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أمر بقتله وقتل عبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عبد الله بن أبي سرح إلى عثمان رضي الله عنه، وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان، فغيبه عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له؛ فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: )نعم(. فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه(. فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله? فقال: )إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة الأعين. تفسير الطبري الصفحة : 1341
ويتضح هنا باختصار ردة عبد الله ابن أبي السرح عندما علم أن القرآن من تأليف محمد وعاد لقريش وقام بفضحه، فحقد عليه الأخير وأمر بقتله في فتح مكة، وكاد يقتل لولا واسطة قريبه عثمان بن عفان.
أخيرا بعد كل هذا البحث المطول يجب علينا التسليم بأكذوبة القرآن لعلم الأجنة ، وقصة المدعو “مور” وانسحابه من دجل المسلمين الذين ادعوا بكل كذب وتدليس أنه أسلم ولم يستطيعوا أن يثبتوا ذلك أبدا…
أشكر لكم قراءتكم واعتذر لإطالتي بالكتابة لأن هذا الموضوع بالذات يستغله دجلة الإعجاز لجهل عامة المسلمين بالطب والتفاصيل التاريخية.
تمت…
المراجع:
The developing Human by Keith Moore
History of Embryololgy by Needham
Langman’s Medical Embryololgy by T. Saddler
AtheistDoc@